حوار مع إذاعة جدة










الحوار الذي أجري معي في برنامج إذاعة جدة البرنامج الثاني



في برنامج همسات قصصية تقديم وحوار الدكتورة / تهاني سندي

إعداد القاصة/ تركية العمري

يوم الجمعة 5/4/1428هـ



بعد أن تمت قراءة السيرة الذاتية ونصين قصصيين (تفاسير) و( صراع القوى) ومقطعين من المحاولات الشعرية من قبل مقدمة البرنامج بدأ الحوار كالآتي:



1- حدثنا عن سيرة البدء لك ؟ بداية؟



تمثلت البداية في كتابتي للردود والحوارات التي كانت تنشرها جريدة اليوم في صفحتها( حوار مفتوح).. شدتني بقوة.. لمدة سنة تقريباً.. لكني لم استطع أن أقول حينها ما أريد بسهولة وبأي لون من ألوان الأساليب.. فكان مقص الرقيب حاضراً بقوة.. فالأمر الجميل الذي عندما كنتُ أقلب صفحات جريدة اليوم ذاتها.. آنذاك.. وجدتُ بأن صفحة (كتابات) تمنحني مساحة أكبر.. ولو بأسلوب غير مباشر فضلاً عن أن مشاركات صفحة كتابات التي تندرج تحت مسمى النصوص الأدبية.. تُكتب بلغةٍ أكثر إحساساً.. وبأسلوب شعري عذب.. والترميز فيها أحيانا يمنحني قول الكثير.. كما أنها منحتني فرصة أخرى وهي كتابة جل مايُتخيل بجانب ما يؤمل بلا حدود.. فتوجهتُ للكتابة لصفحة كتابات تاركاً صفحات الحوار.. وبالتحديد كتابة الخواطر وإن كانت آن ذاك غير محكومة بقوانين أو أطر فنها المطلوبة.. في الواقع أجدتُ كتابة الخواطر بشكل أدهش قراء الصفحة.. فكان حينئذ محرر صفحة كتابات بجريدة اليوم الأستاذ الشاعر حسن السبع مهتماً بكتاباتي، لكن حين انتقل التحرير إلى الأستاذ/ أحمد سماحة (مصري الجنسية).. ورآني بتلك الجودة فضلاً عن أنه رأى أسلوبي يميل كثيراً إلى أسلوب القص.. حفزني بقوة عن طريق الصفحة فضلا عن اتصالاته بي لأن أكتب في القصة القصيرة.. من هنا ولأن لا أكون عشوائياً أو أدخل حرباً دون سلاح.. قرأت الكثير من الكتب في كيفية كتابة القصة القصيرة، بل قراءة بعض المجاميع القصصية العربية والعالمية المترجمة.. وبعض النصوص النقدية في القصة.. إلى أن فهمت تقريباً الطريقة.. فبدأت بفضل الله كتابة القصة القصيرة.. وأنشر في صفحة كتابات.. إلى أن نقلت الجريدة كتاباتي إلى صفحتها اليوم الثقافي بالجريدة ذاتها.. حيث هذه الصفحة تنفرد بالكتابات المتميزة.. من هنا زادت ثقتي بنفسي.. فبدأت أنشر في المجلات والصحف الأخرى السعودية والخليجية.. إلى أن جاء الانترنيت ففتح لنا آفاقه الأرحب فكانت المحفزات والتعاطي الأسهل والأكثر.



2- لمن يكتب عبدالله النصر؟



عبدالله النصر.. يكتب.. لكل الإنسانية.. الواعية.. المدركة.. دون استثناء.. وإن سألتي.. لماذا أكتب؟.. سأجيبك: لأحيا.. فالكتابة حياة أخرى تمنحنا الجمال والأمل بلاحدود.. ومن هنا.. أنطلق إليها برغبة جامحة بالقدر الذي يمنحني إياه وقتي ويسعفني فيه جهدي.. ولاشك بأن حياتي هي حياة المجتمع.. ومنه أيضاً.. حيث نمثل نحن خلية من خلايا بنائه.



3- أي طابع يحيط بسرد عبدالله النصر؟



بما الطابع الوصفي.. وربما جربتُ كلُ طابعٍ سردي.. ولكني أعتقد بأني أنحو إلى الطابع الذي يكون فيه أسلوب الصورة تعتمد على التشخيص.. والتجسيد.. وتراسل مدركات الحواس.. وهي القرب من الصورة الشعرية بالوصف.. حيث يستفز الكاتب بها المتلقي في تراسل مدركاته.. وتتراكم فيها الصور عبر المشاهد.. دون أن تخضع لمنطق السببية.. ذلك لأنه تضطرب حالات الزمن.. وتتداخل على نحو متشابك.. وحيوي.. يعتمد على التداعيات عبر تيار الوعي.. الذي ينتظم جملة من الترابطات النفسية.. تلك الترابطات التي تتضمن معنىً ما.. ومن هنا تأتي الوحدة من خلال التعدد الذي يصب فى مجري الصورة الكلية.. الصورة الكلية التي تبدو اقرب إلي الصورة الشعرية.. بعناصرها المتكافئة الموحية.. و لذا لم تعد الصورة وصفية جلمودية.. بل متزامنة بزمنٍ.. ومتحركة.. وديناميت.. فهي سلسلة من المتناقضات المتداخلة والمتماثلة ..



أنا أرغب هذا الطابع.. الذي كثيراً ما يستفز بعض النقاد والقراء للاصطدام به.. وهو لدي على ما أعتقد.. ليس طاغياً إلى درجةٍ يمكن معها إعدام أو إغفال إيصال الفكرة، والحدث، والانفعال بنحو مشوق.. فاتحاً آفاق الخيال والآمال.. يغري ويستهوي بعض القراء.. ولكلِّ أسلوبٍ هواته.. ومعجبوه..





4- المكان والزمان أيهما يسبق الآخر في نصوصك؟



لا أعتقد بأن هناك ثمة تسابق بين الزمان والمكان في نصوصي.. الحدث هو من يحكم النص بقوة.. حيث يُعد الحدث أهم عنصر في تشكيل القصة القصيرة.. فيه تنمو المواقف، وتتحرك الشخصيات، وهو الموضوع الذي تدور القصة حوله.. كما أنه يعتني بتصوير الشخصية في أثناء عملها..ولا تتحقق وحدته.. إلا إذا أوفى ببيان كيفية وقوعه مع المكان والزمان، والسبب الذي قام من أجله.





5- من هو البطل في نصوص الكاتب عبدالله النصر؟



نعم.. لا شك أن البطل هو الإنسان.. الإنسان بكل أطيافه.. وألوانه.. وأحواله.. وأبعاده.. ووجهات نظره.. وتخيلاته.. وآماله.. الإنسان بمعنى الكلمة.. هو الذي يتحرك وفق ثيمة من الشروط المعينة تحكمها أفكار.. ومعتقدات .. وعادات .. وتقاليد.. يود هذا الإنسان بطل القص.. إيصال تلك الأحكام إلى المتلقي من خلال الحدث.. سواء جاء الضمير .. بضمير المتكلم.. أو بضمير الغائب.. المهم ألا يكون الكاتب ظاهراً أمامه أو متدخلاً فيه.. ولايهم إن اتفق المتلقي مع مايُطرح.. أو لم يتفق.. فلكلٍ قناعاته.





6- القصة القصيرة الحديثة في المملكة تتنفس اللغة الشعرية ماذا منحت اللغة الشعرية للسرد ؟



توقع.. بأن شعرية السرد التي لا تنهض من اللغة وحدها.. وإنما إلى جانب اللغة أيضاً.. بالنظَر إلى الحالات التي ينبثق عنها السرد نفسه.. وكيفيّة اِنبناء تلك الحالات.. هي التي أخرجت هذه الشعرية.. بل أخرجت الصورة الوصفية التقليدية من جمودها.. فضلاً.. عن أنها جعلتها.. إيحائية.. تأويلية.. ذات دلالات متعددة.. تفتح الجملة على المجاز والاستعارة المرتبطين ببنية العمل ورؤيته.. بما يساهم في إثرائه وتوسيع مجال غناه.





7- أي تفاصيل ترصدها نصوصك ؟



نصوصي.. غالباً ماترصد تفاصيلَ معيشتنا اليومية في هذه الحياة.. ترصد ملامحها الطبيعية.. وملامح حياة الناس فيها.. سواء أكانت تلك الملامح ظاهرية.. وتتمثل في الشكل وماتراه العين المجردة.. أو تلك التي تسعى إلى سبر أغوار حياة الأبطال الباطنية.. تكتنزها الذاكرة في العقل الباطن.. ويتفاعل معها الحس مع الزمن ومعطياته.. ويدرك العقل الواعي توجهها.. أو إلى مايوجهها.. ثم يتم تحويلها إلى ما يشبه لوحةً تشكيلية لفنانٍ مأخوذٍ باقتناصِ ماهو جديرٌ للمثولِ أمام المتلقي.. بطريقة ساحرة، ومشوقة، وآسرة.



8- ماهي ملامح سرد جيل الشباب وأنت احدهم؟



ما ألاحظه.. بأن ملامح سرد جيلنا نحن الشباب.. مبنية على منهاجِ فعلٍ تجريبي بالدرجة الأولى.. حيث كلٌ منا.. يحاول صنع ملامح جديدة.. وتقنيات حديثة.. في السردِ والبناءِ أيضاً.. ليتفرد بها.. ولتكون بصمة خاصة ومختلفة تماماً عن غيره من الأجيال المنصرمة.. ومن هنا على ما أتوقع.. نشأتْ إشكالية ضياع هوية الأجناس الأدبية.. حيث الأجناس أمستْ مراوغة.. أو - لنقل - متزاوجة بعضها البعض .. لكني بهذا الفعل.. أتوقع بأنه يساعدنا نحن جيل المبدعين.. على امتلاك أسرار العملية الإبداعية، وبذلك تتحول المواهب.. من بدائية الفطرة.. إلى عقلانية الوعي.. توقعاً بأنها سوف تغرى النقاد بالالتفات إلى التكوين الفني للقصة.. وما يحتويه من علاقات.. وإيقاعات.. وتحولات درامية.





9- ماهو السرد القادم ؟



بعد إصدار مجموعتي الأولى (بعث في خلايا مستقيلة) عام 1424هـ، التي كانت تجربة.. جريئة.. لاقتحام عالم القص.. والقاصين.. وبعد نضج أكبر.. سيتم إصدار مجموعتين قصصيتين جديدين هذا العام 1429هـ.. وخلال الشهور المقبلة.. هما تحت الطبع الآن.. أما مشروعي السردي الذي.. إنشاء الله.. سيلي هذه المجاميع الثلاث.. هو مشروع روائي.. أفكر الآن فيه بقوة.. ولكني لن أقدم عليه بسهولة كما أراني.. ربما سأفعل كما فعلت أثناء دخولي في عالم القصة القصيرة.. بفهم الكيفية أولاً.. عن طريق كل الخطوط المتاحة.. وابتكار منهج سردي جديدة في عالم الرواية... وإن لم يتسنى لي هذا الأخير.. فربما سأبقى مع القصة القصيرة تحديداً.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق