جنون .. شك ... مابين اثنتين


جنــــون



جاء صديقي يتخطى كمن له قدم أقصر من أختها، واضعاً يده اليمنى على عجيزته، والأخرى يتكئ بها على ركبته.. فاتحاً فمه شبراً.. يحاول إغماض عينيه مرة بعد مرة.. يجتذب النفس بصعوبة.. فأتخذَ مقعده على أريكة طويلة بجانبي في المستراح الهادئ الذي يقبع في ناصية شارعنا.. عابساً متأوهاً يصرخ: (آي آي آي آخ آخ آخ )، ثم أردف قائلاً بثقل:

· رضا.. إن أسفل ظهري يؤلمني جداً.. جداً.. جداً؟

فتبسمت قائلاً ببرود:

· لا تمارس الجنون بكثرة .. ياخالد !!

اسند ظهره إلى الأريكة وقال متأوها:

· أوووووه .. أحب هذا الجنون كثيراً.. كثيييييراً.. ثم، هل خلقنا بطريقة غيرها ؟

· بالطبع لا، ولكن ليس بطريقة ممارستك جنونك !

غير جلسته، مقرباً وجهه قبالة وجهي تماماً، وخفقت كفه على ركبتي، فهمس بابتسامة وهدوء:

· وأنت.. كيف، وكم تمارس هذه الجنون في اليوم.. هااااا؟!!!!

أبعدتُ وجهه عن وجهي بعرض كفي وطول ذراعي، وقلت:

· بما أنك تسلّم بأنه جنون.. ( حسبي أن أجن في الشهر، أو في السنة، مرة واحدة) !!

عاد واسند ظهره إلى الأريكة بسرعة، متفاجئاً، مذهولاً يقول بصوت عالٍ:

· و ا ا ا ا ا و .. هذا انتحار !!!.







شــــك



حتى الشمس لا يصدق أنها موجودة إلا بعد أن يراها تحرق قدميه وربما شك في ذلك أيضاً.. تماماً كالأعمى لا يصدق بوجود مادة ما إلا بعد أن يلمسها.. شق طريقه المحفرة يعدُّ نجوم السماء واحـدة تلـو الأخـرى.. يجانب التحذيرات.. يخطو خطوات العمر بزهاء.. قطع مسافة قصيرة، فسقط في حفـرة هشمـت جلَّ عظامه.. لكن لسانه لهج قائلاً:

· ( أشك أنني وقعت )!!.











مابين اثنتين





في الوقتِ الذي كانتْ سعادٌ بقهرٍ، وفجيعةٍ، وذهولٍ، تجاهد بعلانيةٍ في القفز على كلِّ الحواجز الاقتصاديةِ وتهمشها، وتذللُ كلَّ الصعاب الاجتماعية والنفسية التي تجابهها وتنهال عليها بنحوِ مفاجئ ومستمر وبشكل غير طبيعي لتصل إلى من سيخطبها (محمد) بما يرضيه ويعيش هادئاً ساكناً كريماً معها.. كانتْ سُميًّة في الخفاء ضاحكة تردد الترانيم وتعمل التعاويذ والتمائم الشركية بهدوء لتصل إلى (محمد) ذاته بالنحو الذي تريده ذليلاً معها وتكسر قلب (سعاد)!.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق