انتجاع على ضفاف القوارير



انتجاع على ضفاف القوارير








ترجمتْ ندائي الهادئ، فجاءت على عجل.. يصدح وراءها شعرها الأسود الطويل.. ويتهلل النور في جمال محياها الرزين.. والعنفوان والرشاقة تحكي روعة النسق الرائع المنحوت في خصريها.. وقفت.. قرأت كلماتي في شغف عيوني، وفي ابتسامة ثغري.. فسجدت عيونها والأعضاء في خجل.. صلّت صلاة الاحترام في محراب الأمان بوقوف مهذب.. تترقرق بعذوبة على شفير شفاهها كلمات التلبية.. فنهضت لجلالها قمراً طغى نوره على نور نجمته حينما بادلتها التحية بأفضل منها.. اقتربت منها بقلب مأسور، وبعينين حانيتين منجذبتين.. أتخطى أثاث البهو قطعة قطعة.. أدفع بكفيّ الوالهتين الرطبتين مصافحاً.. فتتقدم هي كذلك آتية بكفها مفعماً في هدأته، خجولاً في حركته، كوردة تتفتح للربيع ببطء.. فيلتقي الكفان وتصطك لحومها.. وتُطرق عيون حورائي وتسبل جفونها.. وتشرب رئتاي عبق الوصال إلى حد رفضها الزفير.. وحدقتاي تأبى الرحيل والانزواء عنها.. وهنا سبح كفانا في أعذب أنهار الوصال بنشوة الدفء.. واحمرّت قسماتها الهادئة فارتمت شهاباً في كبد الحياء، والابتسام اللامع يجلببها فيهبها تألقاً وروعة.. فتبكي وجداني بحرارة: ( آآآآآآآه .. ).. إذ لا صوت في بيتنا سوى أنفاسنا وعزف قلوبنا الهادئ على أوتار قيثارة السكون .. ولا في روعة الليل السكين يجتاز نوراً إلينا مع نور المصابيح الملونة الخافتة التي تبعـث الاستقرار والهدوء في ذواتنا سوى نور عشقنا.. ولا رائحة هناك سوى رائحة الدفء والحنان يدغدغ أجـزاءنا.. وشيئاً فشيئاً، ينسل كفها من بين كفي بهدوء لفيض الحياء أكثر.. وأنا أغرق في عينيها السوداوين بكل الشعور.. فعلى أثر الهدوء أطلب منها الجلوس، وفؤادي يتضرع إلى بارئها أن يهبها السلامة فيه.. فتجلس ململمة أشلاءها المرتخية، وهي لا تفتأ تعانق البسمة الذابـلة والنظرة الخجولة .. لتقول:



( نعم ، حبيبي ، ماذا تريد ؟ ).



فأقول لها بوداعة ولطف وابتسام : لا شيء – حبيبتي - سوى أنني أريد جلوسك بجانبي لأرتوي من معين عينيك ، فأنسى أتعاب نهاري كالعادة.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق