استفخاف ... غباء ... عند الذوبان ... حرباء ..





استخفاف


أرادَ أن ينفضَ الغبارَ عن الجدارِ الطيني.. شمرَ عن ساعديهِ.. اشرأبتْ أعناقُ غريزتهِ باعتزاز.. قرَّب فمهُ من الجدار.. نفخَ بقوةِ احتماله.. فما كان من الغبارِ إلا أن أعمى عينيه بسرعة.. قــال نادماً وهو يفرِكُ عينيه:
( ليتني استعملتُ المنفاخ الذي في يدي! ).




غـبـــاء

الجدران رطبة تعيش على شفير هاوية خلفها، لاتحتاج إلى من يدغدغ مشاعرها.. لكن الواقف أمامها، دغدغها بنفس مقياس تحملها كما تخيل.. فتضاحكت وتراقصت إلى الوراء تجذبه معها.





عند الذوبان


حتى بعد أن أسقطتْ عشر أوراق من عمرها، ذابلة، نحيلة، مقهورة.. لم يهمس في صماخها يوما بما تريد معرفته منه، كانت تكرر:
(أريدك أن تقول لي لماذا..؟)

وكانت عاطفتها المحمومة تستجدي عاطفته الثلجية، وكل خارطة رسمها لبها تاهت بها في بيداء قاحلة.. انشل كل جزء فيها دغدغ كل جزء فيه.. وفي ذات غسق حالك، حين تفككت الأوصال.. في لحظة إشفاق وجدانه.. في ذوبانه.. في هيمانه.. خلْفَ الجدران.. في اختفاء كل الألوان عدا الأسود.. انهار الثلج.. انخرط في موكب شقشقة مسهبة.. محرراً فيها آسر جوارحها بلا شعور.. تكلم.. وقال.. وأفرغ بلا شعور مايهد كيانها.. لكنه ما أن وعي.. حتى أوقد شمعته الحمراء بافتجاع وهياج وانهيار.. صارخاً في وجده:

· ( يا إلهي.. ماذا سأفعل الآن؟.. سينهار مسكننا!!)


رمقها بطرف جانبي..رآها تعانق الحلم بهدووووووء.. لم تسمع شيئاً !!




حِــــربـاء


من خلالِ نافذتِها المُطِلةِ على الطريق.. شعتْ في عينيهِ ملامِحُها الملونَةُ كالعادة.. لقد اصطادتْ شغافَ قلبهِ ببياضِ أسنانِها منذ زمن بعيد، فسنحت له التردد عليها كل فرصة تناسبها، بيد أن هذه المرةُ نادتهُ إلى بيتِها في غَنَجٍ ودلالٍ وابتذال.. فتحتْ لهُ البابَ.. وما أن تلاقى الوجهانِ حتى أيقظتْ هُيامَهُ الذي كان يقابلها به كل حين بصفعةٍ قتلتْ جُلَّ السكون حوله.. قائلةً لهُ:

· يا قليلَ الأدب.. لا ترمي بنظرِكَ مرة أخرى باتجاهي.
قَفلَ راجعاً يمسح احمرارَ وخجلَ وجنتهِ ـ بعد أن بصقَ على عتبةِ بابِ دارها المرتدِ إليه بقوةٍ ـ مردداً:

· لا عجبْ.. هكذا تتقلب الحِرباءْ!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق