احتضــــان




احتضــــان









تختال خطواتي على المرفأ.. والزرقة في حزن باد.. أخطو إلى الأمام خطوات.. خطوة تدق على وتر وجدي، وأخرى على وجيد الساحل المسود.. وأخطو ، وأخطو.. وأخطو .. ومد القلب هتوناً.. وآهات احتراق.. أقف والروح تنوء بماض أسعد.. وأفق عينيي ينداح إلى المد.. أنظر يمنة، الموج الغائر يتدافع.. يئن من وطأة الجاريات.. حاملات الموت.. وأنظر يسرى، مدينة تجورت ومزجت بدم قان.. أنظرها.. أسألها:

ما لوجهك الحسن تناهى في الثرى ؟.. وذاك الدم المحرم تبيحه أفئدة أحجار ؟

أكفكف دمعاً أتى من أنين الحسرة.. أهدهد أشلاء مرتعشة.. وتأتي الأرض في ذاكرتي.. خضراء.. أقيمت على عمر الزمان نغماً.. سحراً.. تتواردها الخواطر.. وتنشدها الأشعار.. والأرواح أشـجار ربيع.. ضروب من إغراء.. ضروب من حالات الامتزاج.. سعادة.. تكامل.. اتزان.. اطمئنان.. مثلها يعمل العاملون.. قدوة.. رفلت في ثوب سندسي.. أرفع رأسي.. أشحن صدري بآه الأوجاع.. أجعل الضجيج ينهار :

آه .. يا لوعة الأعمار .. فلتأتي الأشعار ، وتنعاك .. وإلى الخافقين تبث شكواك ..

عدلت قامتي والهم يسكنني.. توغل في تفاصيلي.. ازدادت خطواتي.. وطأت المرفأ الغاص بالحرمان.. وطأت الرمل المنزوع من فرحة كسائه البهي.. وحبكت المفارقات بين الأمس واليوم .. لامست همس لغة الوصال .. جلست قليلاً.. فتحت صدر الأوراق.. كتبت قصصاً، نحتها بإزميل الوجدان.. فقمت أفرغ أنفاسي على أثر الخطو ووأد المسافة.. وقفت مجدداً منهار الأجزاء.. قاسمت الاتجاهات بنظرة غارقة في الحمرة.. والأجواء كئيبة.. صامتة.. غير أن موج البحر قد فرض صوته.. ورائحة البارود تزكم أنفي.. أحنيت ظهري بقلب هيجه التمرد، وسخط الجائر.. قبضت شيئاً من رمل المرفأ.. داعبت أناملي ذراتـه السوداء.. فانهالت العبرات.. وثمة سؤال رفرفَ جناحـاه:

قل لي يا رمل .. يارمل .. لم لا تملأ عين الغاشم، تتغدى به قبل أن يتعشى بك؟.



20 /10/ 1422هـ






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق