الرسالة (11)




الرسالة (11)

حياةٌ من العفن



بقلم / عبدالله









هل تخيلتِ حالي كيف هو بعد أن قرأتُ رسالتك (الزبدة يامعفن!)؟..

تخيلتُ بأنني المعفن، ومطلوب مني زبدة مشوارنا هذا..

وقلتُ حينئذ: نعم (معفن) .. (بدون علامات تعجب).

لأني من جعلك تهذين بها

ومثلك لايناسبه مثلي.

بل حينها أضعتُ كل شيء ( ضعي ألف علامات تعجب)

وبالطبع عليّ أن آخذ ألـ (5000) ريال أطبع بها رسائلنا ( بعلامة تعجب وبلا علامة تعجب).



يا لسذاجتكْ.. بل يا لغبائكْ..

وهذا ما سترددينه أيضاً.. وحق لك هذا.

فدخولي في الأسهم حقق لي مالم يرد بخيالي..

حصيلة كبيرة جداً.. جداً!!

فكما يقال: ( السالب أيضاً جنْياً)

خسرتُ الـ (5000) وخسرت طباعة كتاب.. أتوقع كنتِ تعلمين نتيجة دخولي في الأسهم، ولذا لم تردي عليّ.. لكن لِمَ لم تنصحيني؟



مثلي مثل الكثيرة في بلدي.. يبست آمالهم على حبل الأسهم.

الأسوار الحديدية تتذمر من كثرتهم الآن، ويضيق القبر من بعضهم..

بل بعضهم الآخر مازال الأطباء النفسيون يحاولوا فيهم محاولات يائسة.. (يحق لك وضع تعجب هنا)

كان عليّ/على الجميع قبل الدخول في الأسهم استشارة (أبو علي) الذي يتسنم قناة شهرزاد.. يقرأ ماضينا، وينبئنا بمستقبلنا.

لأن لا أخسر فوق خسارة ألـ(5000).. صديقي.. وظيفتي.. راحتي النفسية..

لكن هل خسرتك؟.. هل خسرتُ كل ذلك فعلاً؟



ربما ستضعين ألف دائرة على (خسرتُ وظيفتي)..

ربما الأسهم أخسرتني إياها، من حيث تغير نفسيتي.. لكن ليس هذا السبب الفعلي..

كان على ألا أدعي أني قوي.. كان علي ألا أثبت دائمًا أن كل شيء على ما يرام والدنيا بخير.. حدثتُ نفسي بأنه لا يجب أن أقلق بصدد ما يظنه الآخرون.. وكان علي لو دعت الضرورة أن أبكي حتى لا تنفد الدموع.. وعندئذ فقط يمكنني الابتسام ثانية..

لقد استفادت الشركة منى بإقامة معرض الصناعات في الشركة، أيما استفادة.. حين افتتاح المعرض أمام شاشة التلفاز، اصطف العديد من الموظفين ومعهم مدير الشركة ومضيفوه الكبار، ثم قطع الشريط، ومن خلال الاحتفاء، تلقى المدير وبعض الموظفين الكبار العديد من خطابات التهاني والإعجاب... بينما لم أجد لبذل عرقي وجهدي، لا تقديراً، ولا شكرا.

ويبدو أن من لا يعرق قط يحظَى بأفضل تكريم.

لكني في لحظة تحدي ومكابرة، أردت أن أكون ضمن الوجوه التي تكرّم.. الوجوه التي تحصل على أقل تقدير لها.. لم أرد أن أكون ضمن الوجوه التي تلعب دور الكومبارس فلا تحصل على الشهرة والمجد.

لطالما أردت هذا؛ لأن أهم الوجوه التي في الوجود هي تلك التي تبني لنا ولا ترينا وجهها إطلاقًا!!

ولهذا لم أسكتُ.. ليس دفاعاً عن حقي فقط.. بل هي دعوة أيضاً لدفع أمثالي للدفاع عن حقوقهم.

خرجتُ للمغامرة بألف رجل.. فوقفتُ قبالة القوة مقتولاً فيّ الرجل!!

لقد بقي القوي قوياً.. لم أستفد من الدروس السالفة.

وسلبتُ خف حنين.

صول رسالتك تزامن مع هذا، فصدمتني بقولها ( الزبدة يامعفن).

زادتني جراحاً في العمق.



ولا أدري.. لِمَ فهمت بأن رسالتك (الزبدة يامعفن) آخر رسالة أتلقاها منك.. هل أصبحتٌ أحمق الفهم حين فهمتُ ذلك؟

هل تنتظرين (الزبدة) ؟

الحيرة طوال المدة الطويلة الفائتة جعلتني لم أحاول الرد عليك بالرغم من أنني لم أتعفن(ضعي علامة تعجب)

ولكن لتوضيح هذا، ستطول رسالتي هذه قليلاً.. فلربما فعلاً تكون الرسالة الأخيرة.

أو ..... ؟؟



مناي..

لقد تعلمتُ طيلة الأشهر الماضية بعد أن فقدتُ كل شيء خارج نطاق جسدي.. أن عليّ أن أثق بقوتي، وألا أعبر بـ "لا أستطيع/لن أصل" قبالة كل شيء.. فهذا سيمنع فيض الخير المتدفق من ذاتي..

تعلمته بعد أن فكرتُ ساعة ليل، تساميتُ فيها بثراء باطني.. مردداً (أستطيع.. أستطيع.. سأصل.. سأصل) فكانتْ قوة/مباركة/ شافية/غنية.. لا أشك بأن من وهبنيها هو الوهاب المطلق.



لقد اشتريت سيارة (أجرة) بأقساط شهرية.. فعملتُ عليها بجهد وأنا أغني. (ضعي ألف خط تحت أغني).

بل كانت السيارة محلاً مريحاً لبوح الراكبين.. صرخوا لديّ في نطاق ضيق.. فكنتُ ميكرفوناً ينشر الصدى عبر جهاز ذكي يّحسِّن ويهذب الصوت.. كتبتهم وتطلعاتهم في زوايا الصحف.. فأحسستُ بأني أكتُبُني.

فكانت الحصيلة وافية..



ولقد وقفتُ على قدميّ مرفوع الرأس، ورئيسي ، بل ومديري.. ذاتي.

خرجتُ من العفن..

والأيام القادمة، لن تكون موجوداتي الحقيقية إلا عن أفكاري.

أفكاري فقط (إن شئت ضعي علامات تعجب)

أم أنه لا يعجبك؟

لن أقول الآن بأني (معفن).. لكني أقول لك بأنها: هذه الزبدة.

على أنني لم أخبرك عما قمتُ به على شبكة الانترنيت مؤخراً، وصداقاتي التي تتسع دائرتها.

لكن مايهمني الآن.. أني أرغب في حبيبتي.. أرغب في عودتها وذاتها السامية..

حبيبتي.. هل ستعود؟

هل ستأتي إليّ (ضعي هنا كل علامات الاستفهام).



الظل – الآن - أكبر من الشيء نفسه.



















الرسائل لم تكتمل لظروف طارئة...








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق