التفكر










التفكر





كلما أشرقت شمس يوم ، أو لاح قمر ليل على ذي العقول المتفتحة المتبصرة الباحثة عن الحقيقة .. وهـم يتفكروا في كل شيء ترمقه عيونهم ( مم ، ولماذا وجد هذا الشيء ؟ وما هي حالته؟ وما فائدته ؟.. الخ ) ، ظهروا بنتائج حسنة مثرية لعقلوهم ، رافعة منـزلة عطائهم ، موجهة لهم إلى تحقيق طموحاتهم وأهدافهم المرجوة ، عامة بالنفع والرقي لمجتمعاتهم .

إن هذا المنطلق التفكيري أو التدبري أو الاضطلاع بالأشياء من خلال العقل بالتبصر العميق الذي حث عليه الباري جل وعلا في جل آياته المباركات ، ووجهت إليه الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة .. أمر غاية في الأهمية ، وله نتائج جداً إيجابية ناجعة .. تجعلنا نعرف كنه ما تكتنفه هذه الحياة صغيرها وكبيرها .. كسحاً للمجاهيل والغوامض ، وفكاً للطلاسم وشبه الألغاز الموجودة في حياتنا لكل ما نمر عليه أو نحاول معرفة ماهيته .. كل ذلك بتشغيل خلايا الدماغ وخروجها من بوتقة الكسل والدائرة المغلقة عبر الرؤية والتأمل ، والإنصات والاستماع ، والإرادة والعمل ، والبحث والمواصلة ، والتحقق وجمع العقول الأخرى .. وأخيراً الصبر والاجتهاد ..

وحينما نعلم أن ( التفكير حياة قلب البصير !) .. ونتمشى على المنوال الصحيح في الأخذ به .. لن يكون أمثال ( نيوتن ) أو ( عباس بن فرناس ) أو ( الأدريسي ) أو ( ماجلان ) أو ( أفلاطون) أو غيرهم من المكتشفين والمبدعين العظماء أقل منا حظاً نحن أبناء اليوم الذي نمتلك من التقنيات التي تساعدنا في معرفة الكثير الكثير ، فضلاً عن انفتاحنا الكبير على هذا العالم وحصولنا على المعلومات بسهولة ويسر وبلا حدود .. وربما نكون بهذا أوفر حظاً من أولئك المكتشفون القدامى أيضاً..

بلى .. إن التفكر في خلق الله تعالى ، وعدم مرورنا على الأشياء مرور الكرام تهميشاً أو تجاهلاً لها .. يوصلنا إلى غاية لم نأملها أو تمر ببالنا قط .. وهذا يتحقق في جميع المجالات العلمية ، حتى في مجالنا الأدبي - التفكر - هو مدعاة لما نحن نرتجيه أو ما ننشده – من كتابة جديدة - في مسيرتنا معه .. نعم .. إن من يطمح للجديد لابد أن يتأمل ويتفكر في كل معالم هذا كون الفسيح سواء كان بشراً أو حيواناً ، نباتاً أو جماداً .. معرفة بماهيتها وكنهها ، كذلك سلبها وإيجابها .. فضلاً عن التعايش معها تعايشاً فكرياً وحسياً وشعورياً .. ولعل عامل القراءة والإطلاع في متون الكتب والنهل من مناهلها العذبة بدءاً بالقرآن الكريم وانتهاء بالقصاصات الصغيرة كورقات التقويم مثلاً .. أمر يساعد على فتح أبواب المعرفة بمتطلبات الآخرين وفهم ما يدور في خلد كل كاتب وما حوله .. بل القراءة هي رسالة لنا لنتعرف من خلالها على العالم الآخر وما توصل إليه لنكمل نحن المسير ..وهي المنهل العذب الذي يرتوي منها العقل ليحيا الحياة المرغوبة .. كما أن الخروج من الإغراق في الذات وعدم التقوقع والتمحور داخل النفس .. أمر يفك الحجر أو القيد الموجود على العقل ويجعله ينفتح على الآخرين والعيش معهم بلا عزلة ومنأى .. ومن المؤكد أن التعايش مع الآخرين بمشاعر صادقة ، مدعاة للتفاعل التام مع الكاتب والانجذاب إليه وظهوره بإبداعات واكتشافات جديدة .. والعكس يأتي بالنفور منه إذا رزح تحت وطأة الكتابة الذاتية فقط .

إذن ( التفكر ، والقراءة ، والخروج عن الذات ) أمور ليست جديدة علينا للاستعانة بها على الإتيان بالجديد في كتاباتنا ولكن تذكرة بها فقط وإجابة على السؤال المطروح في هذه الزاوية : كيف نأتي بالكتابة الجديدة ؟.. والذي ربما يعني : كيف نأتي بالجدة والإبداع في الكتابة التي تجذب الآخرين وتخرجهم من بوتقة الروتين والملل؟.. وبجانب هذه الأمور الثلاثة ماقد ذكرته في مقالاتي المنشورة آنفاً في هذه الزاوية في عدد 9471 شهر صفر وعدد 9499 شهر ربيع أول و في عدد 9621 شهر رجب وكذلك في عدد 9684 شهر رمضان ، أأمل من الأخوة الرجوع إليها ، متمنياً أن تكون حصيلة إضافية وفائدة بسيطة لمن أراد الاستفادة ، أو تذكرة لمن أراد أن يذكّر .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق