على باب الألفية الثالثة












على باب الألفية الثالثة





الفلاحون عندما وجدوا الأرض خصبة .. وزرعوها حباً جيداً ، وسقوه بماء عذب سائغ ، ورعوه من خطر الأرض والسماء .. تفاءلوا بمستقبل زاهر لذلك الزرع .. الذي ربما يحصدون حصيلته ثماراً طيبة بأنفسهم ، ومنهم من حصد أو سيحصد، أو يرحلون متفائلون حالمون تاركون لأبنائهم الحصاد وإكمال المسير .. هكذا هم أدباؤنا الماضون .. كانوا كالفلاحين هيئوا الأرضية المناسبة .. فزرعوا .. ثم تعهدوا بالسقا وبذلوا الجهود .. فذهبوا متفائلين حالمين بمستقبل طيب ، ربما يشهدونه ويتلذذون بالنتيجة ، أو يشهده أبناءهم ويكملوا مسيرته .. لهذا يطرح هذا السؤال نفسه هنا : هل أولئك الأبناء – جيل اليوم المتأدب – سيحافظون على ذلك الزرع بكل الجهود الممكنة .. ويرعونه حق رعايته .. ويتعهدونه بالسقاية النقية .. ليحصدوا الثمار الطيبة الجيدة المعهودة ، أم سيتخلون عنه ليموت ؟.. هذا ما نود أن نعرفه لنتفاءل لأدبنا في الألفية الثالثة بمستقبل متألق راق ومتطور .. وللحفاظ على الأدب وضمان تطوره وتألقه لابد من توافر بعض العوامل التالية من وجهة نظري :

1- محاولة تعميق تفهيم واستيعاب الأدب ومجالاته وأقسامه وأهدافه من خلال الأداء في شتى الزوايا الاعلامية واللقاءات العامة والحلقات الدراسية والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والأمسيات والجلسات في الأندية الخاصة برعاية الأدب والأدباء لمن يريدونه بشكل مستمر .

2- محاولة خلق حيوية أكثر وتفاعل تام بين الكاتب والأدب وتوثيق الرابطة والعلاقة لينشأ الكاتب متميزاً وخاصة النشطين منهم من هم في بداية المشوار .

3- القيام بعمل المسابقات الشعرية والقصصية وتشجيع المبتدئين خاصة بالحوافز المادية والكلمات المعنوية ، وياحبذا لو تتبنى هذه الصفحة هذا العمل ولو بشكل متواضع بسيط ولو في كل سنة مرة .

4- القدرة على تطوير استخدام وسائل مبتكرة متجددة في العطاء ، باستخدام هذه التقنية المتطورة الزاحفة المستولية على الساحة .

5- الجهات الإعلامية وتعظيم تشجيعها للأدب والأدباء ، وإتاحة الفرصة وتوسيعها للأدب بإعطائه صفحات أكثر تكفي لخدمته وخدمة أهله .

6- الإحساس الكبير من لدن الأدباء أنفسهم بعمق المسئولية والغيرة التامة على أدبهم وتحقيق الأهداف المنشودة منه وبه بشكل يليق به ويجعله يباهي كل أدب . وتواصلهم ذاتياً مع من يوجهون ويرشدون .

7- تهيئة مايمكن تهيئته انطلاقاً من هذا اليوم للجيل القادم ليواكبوا المسير بطمأنينة ويسر .

8- توجيه من يتأدبون إلى الكتب المفيدة كل حسب مجاله – شعراً أو نثراً – للرجوع إليها والنهل من مناهلها العذبة النقية للتقوية والإبداع في العطاء.

9- زيادة بناء الأندية عما عليه الآن ونشرها في شتى المناطق والمدن وتكريس اهتمامها بدءاً بالصغار بجانب الكبار بشكل عادل يؤدي الحق .

10- اهتمام كل أديب متميز وله باع طويل في الأدب بمن هم على أول الأعتاب وإعطائهم جزءاً من الوقت الكافي شعوراً بالمسئولية .

11- كفاءة من يتبنون احتضان الأدباء الجدد في الجهات الإعلامية من حيث :

أ - سعة صدورهم .

ب – الإلمام بكيفية دفع عجلة تقدم الأدباء بالحث والتوجيه عبر وسائلهم بطريقة لبقة .

ج- تمكنهـم في مجال تخصصهم بالمعرفة بالأدب ، وقدرتهم على تنظيم وتقديم المواد بقوة ووضوح وتناسق وانسجام وجذاب .

د - القدرة على إثارة اهتمام من يتأدبون وتوعيتهم بالمعارف الأخرى ، وتفهيمهم بالأهداف العامة للأدب .

هـ- القدرة على إثارة فضول المستجدين ، ومساهمتهم بطريقة حماسية وفعالة فيما يقدم من نصوص بالنقد البناء والرأي الصائب ، وحث المتقدمين على الجدة في العطاء الإبداعي .

و – الاهتمام بنتاجات الصغار واعتبارها نصاً ابداعياً يليق بمستواهم ماداموا في أول مشوارهم .

11- توجيه دفة كل أعمال الخدمة والمساعدة التي تقدم للأدباء خدمة لله ولدينه والقرآن ثم للوطن والعروبة . لأن السعي في مساعدة هذه الفئات المتأدبة وتشجيع الامتياز الأدبي بطريقة بناءة إصلاح لجوانب القصور والضعف فيها .

هذا ما أراه من عوامل ربما تساعد على خلق الاهتمام بالأدب ، والتنبؤ له بمستقبل طيب .. فتوافرها إضافة إلى غيرها من العوامل مما لايسع المجال لذكرها ومالم نتوصل إليه .. يمكنني أن أتفاءل بذلك المستقبل الراقي للأدب ، لأنه الأدب شأنه شأن أي علم آخر لابد له أن يرتقي مع بذل الجهود الممكنة لإحيائه والاهتمام به وحمايته من أعدائه جيل بعد جيل سواء عن طريق تنمية الفطرة ، أو الوراثة ، أو الوصية من بعدِ غِيرة .. ولاشك بأن المتتبع لحياة الأدب منذ النشأة الأولى وحتى يومنا هذا ، ويراه في مسيرته يسير بحركة حلزونية تتسع كلما انطلقت باتجاهها ومعها بجد ونشاط .. حركة تصاعدية يرتقي ويصعد سلالم مجده بكل ثقة دون توقف أو تقهقر .. يعطي الجديد في كل خطوة .. ويرى أبناءه ملتزمين به ويساندونه .. لابد وأن يتفاءل ويتنبأ له بمستقبل زاهر طيب.. أما الحالة المتباطئة التي نرى عليها الأدب اليوم .. عن نفسي أراها حركة تأملية متطلعة ، تتأنى تسير بخطى موثوقة ، لا ثورية ولا هجومية ولا اندفاعية ماتلبث أن تقع في المطب أو تندثر وتغيب ، ثم يلبس أصحابها في النهاية أثواب الندم .. أو أنها حركة للمحافظة على المستوى الذي وصلت له في ظل هذا التطور التقني والمعلوماتي الهائل المندفع الذي ربما ينبئ مستقبله بحسرة أو ندم .. ليبزغ نور الأدب مرة أخرى بشكل متكامل ويحتل مركزه الأول ويأخذ اهتماماً أوفى وأكبر من غيره كما كان.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق