ما الأدب؟


ما الأدب؟







قال الإمام الصادق : ( إن العلم والأدب يعمقان إيمان المؤمن، وأن قيمة كل امرئ ما يحسنه).

وقيل في الشعر :

ليس اليتيم الذي قد مات والده إن اليتيم يتيم العلم والأدب



ولأن كلمة ( الأدب) مهمة وذات معنى عميق، وتتداول كثيراً باهتمام وتبجيل.. أحببت من خلال الكتابة هنا أن أضع بين يدي القارئ التعريفات التي قدمت لها، لكي يتسنى له معرفة معناها.


في اللغة : الظُّرْفُ وَحُسْنُ التَّنَاوُلِ . يُقَالُ أَدَبٌ كَحَسَنٍ فَهُوَ أَدِيبٌ وَجَمْعُهُ أُدَبَاء ، وَأَدَّبَهُ عَلَّمَهُ فَتَأَدَّبَ. وَفِي الْمُطْلِعِ : الأَدَبُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ مَصْدَرُ أَدِبَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَضَمِّهَا لُغَةٌ إذَا صَارَ أَدِيبًا فِي خُلُقٍ أَوْ عِلْمٍ. وَالْخُلُقُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللامِ صُورَةُ الإنسان الْبَاطِنَةُ, وَبِفَتْحِ الْخَاءِ صُورَتُهُ الظَّاهِرَةُ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: الأَدَبُ اسْتِعْمَالُ مَا يُحْمَدُ قَوْلاً وَفِعْلاً, وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِأَنَّهُ الأخْذُ بِمَكَارِمِ الأخْلاقِ, وَقِيلَ الْوُقُوفُ مَعَ الْمُسْتَحْسَنَاتِ, وَقِيلَ هُوَ تَعْظِيمُ مَنْ فَوْقِك وَالرِّفْقُ بِمَنْ دُونِكَ .



وعرفه علماؤه بأنه :

1- ( المادة التي تنقل إلينا الحياة بفهم الأديب ووسيلته اللغة )

2- ( معرفة ما يحترز به من جميع أنواع الخطأ في كلام العرب لفظاً وخطا).

3- ( فن الكلمة سواء أكانت مسموعة أو مكتوبة، وأنه النشاط النفسي الذي تبذله حين تقرأ تلك الكلمة أو تستمع إليها. بل أنه المتعة والفائدة التي تجنيها من تلك الكلمة بنوعيها).

4- ( الكلام البليغ ، الصادر عن عاطفة ، المؤثر في النفوس)

5- ويعرفه بلزاك بأنه ـ أي هذا الأدب ـ يقول كل شيء عما يراوغ مدركات روحنا المحدودة، وعندما تضعه أمام عيني قارئ فإنه ينقذف في فضاء تخيلي.

6- (ذلك الشيء الذي يعلمونه الناس الحاوي للظرف والعجب الدال على المحامد، الناهي عن المقابح).

7- ( مأثور الكلام شعراً ونثراً، أو هو التعبير الجميل عن الفكر أو الشعور).

8- ( الألفاظ الجميلة التي أديت بها المعاني وصياغتها صياغة بليغة).

9- (الأدب هو الذي يكتبه المبدع بوعي نضالي يهدف إلى مساندة قضية عامة يؤمن بها. ومن المرجح أن تكون قضية سياسية أو وطنية أو اجتماعية: وهو الأدب الذي يقوده الوعي بتلك الرسالة والإيمان بتكريمي الوسائل المتاحة من أجل الترويج لها).

10- (الأدب هو استخدام اللغة استخداما فنياً خاصاً, يميزها من أية لغة أخرى, ويكشف عن تجربة إنسانية فريدة ويحمل رؤية شخصية للعالم" ومن خلال هذا التعريف يتجسد قوة التفاعل المحكمة بين اللغة والأديب والأدب والوجود).

11- ( الأدب هو الذي يحمل صوراً ومعاني وأحكاماً مختلفة هي تعبير عن موقف الإنسان من الوجود والمجتمع والحياة).

12- (الأدب هو تلك العدسة التي تصور علاقة الإنسان بالوجود بشكل خاص).

13- (الأدب بناء لغوي فني يحمل رؤية خاصة ويمثل تجربة إنسانية, وتضفي عليه سمتا الإبداع والجمال التعبيري خاصيتي التأثير والخلود).

14- الدكتور محمد مندور: ( الأدب هو كل ما يثير فينا بفضل خصائص صياغته إحساساتٍ جمالية، أو انفعالاتٍ عاطفية أو هما معاً).

15- (الأدب صاحب الدور الكبير في موقعه الخاص في تبليغ دعوة ما وتجسيد أحاسيس وعواطف معيّنة لا تقلّ أهميتها عن الفكر والعقل في محالّها المناسبة، بل هي بمثابة مصفاة للفكر والعقل).

16- (الأدب بعامة، والرواية بخاصة، موسوعة، ومنهج معرفة، وفوق كل ذلك شبكة من الصلات بين الأحداث والناس وأشياء العالم، ومن هنا تأتي تعددية العلاقات في العمل الأدبي أيضاً).



كما يعرفه العلماء الإسلاميين الذين أوضحوا أن الأدب في العالم الإسلامي لا يمكن تجريده عن «إسلاميته».. ويتأتى ذلك بتطويع الأدب للتصوّر الإسلامي الصحيح.. لأن معنى كلمة " أدب " لدى المسلمين تعنى " الأخلاق الفاضلة ".. وقالوا إنه لا يجوز الفصل بين الأدب والأخلاق.. وذلك من أجل تطهير الساحة الأدبية المعاصرة من التيارات المنحرفة.. ومن تلك التعريفات:

1- تعرفه الرابطة بأنه : ( لأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون، في حدود التصور الإسلامي لها.

2- تعريف سيد قطب - رحمه الله - : ( الأدب الإسلامي هو التعبير الناشئ عن امتلاء النفس بالمشاعر الإسلامية).

3- تعريف د.عبد الرحمن رأفت الباشا - رحمه الله - : ( الأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن وقع الحياة والكون والإنسان على وجدان الأديب تعبيرا ينبع من التصور الإسلامي للخالق - عز وجل- ومخلوقاته، ولا يجافي القيم الإسلامية).

4- تعريف محمد المجذوب: ( الأدب الإسلامي هو الفن المصور للشخصية الإنسانية من خلال الكلمة المؤثرة ).

5- تعريف محمد حسن بريغش: (الأدب الإسلامي هو التعبير الفني الجميل للأديب المسلم عن تجربته في الحياة من خلال التصور الإسلامي).

6- تعريف الدكتور نجيب الكيلاني - رحمه الله - : ( الأدب الإسلامي تعبير فني جميل مؤثر، نابع من ذات مؤمنة، مترجم عن الحياة والإنسان والكون، وفق الأسس العقائدية للمسلم، وباعث للمتعة والمنفعة، ومحرك للوجدان والفكر، ومحفز لاتخاذ موقف، والقيام بنشاط ما).



ولكن عند الإمام الصادق يتفرد في تعريفه بقوله: ( إن الأدب هو لباس العلم والفكر الذي يقر بهما من فهم السامع والقارئ)، وبهذا التعريف وضع الأدب في موضعه الحقيقي، دون أن ينتقص من منـزلة العلم والفكر. فللعلم قيمته، وللأدب زينته، وهو الوسيلة التي تقرب العلم إلى الأذهان. كما أن له تعريف آخر مؤداه أن الأدب قد لا يكون علماً، ولكن لا علم يخلو من أدب، وهذا بدوره تعريف جامع موجز أيضاً لعلاقة الأدب بالعلم.



وأخيراً يبقى أن نقول : مع أن كل إنسان أسبغ الله عليه حظ من الثقافة يعرف بصورة أو بأخرى: ما الأدب؟. وكل مافي الأمر أن ما يعرفه هذا قد يختلف عما يعرفه ذاك، أو يفترق عنه قليلاً أو كثيراً. ولكن من المؤكد أنهم جميعاً يستخدمون كلمة (أدب) استخداماً متقارباً – إن لم يكن موحداً – حين يطلقونها على شيء يقرأونه أو يستمعون إليه.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق